اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
134771 مشاهدة print word pdf
line-top
الفهم الصحيح لكلمة التوحيد ووجوب العمل به

<مسألة نوع=أصولية> ...............................................................................


يقول المؤلف: وليس المراد قولها باللسان؛ مع الجهل بمعناها.
يعني: أن الذين في زمان المؤلف يقولونها بألسنتهم؛ ولكنهم لا يدرون ما معناها؛ فلأجل ذلك وقعوا في الشرك، وهم يعتقدون أنهم مؤمنون، فعبدوا آلهة كثيرة؛ وإن لم يُسَمُّوا فعلهم عبادة؛ وإن لم يُسَمُّوا تلك المعبودات آلهة؛ وذلك نتيجة الجهل بمعناها؛ فلأجل ذلك كان لا بد أن يتعلم الإنسان معنى هذه الكلمة. ثم -أيضا- لا يكفي أن يقولها الإنسان وهو يعلم معناها؛ ولكن لا يعمل بمقتضاها! مَنْ قالها فلا بد أن يعمل بمقتضاها.
مقتضاها: هو إخلاص العبادة لله، وترك عبادة ما سواه. فمن قالها بلسانه؛ ومع ذلك عبد غير الله، ذبح للمخلوقات، للقبور والأتربة ونحوها، ودعاهم مع الله، واستنصر بهم، وصرف لهم حق الله -تعالى-؛ فإنه يعتبر قد نقض مدلولها.
ذكر المؤلف: أن المنافقين يقولونها، وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار؛ مع كونهم يُصَلُّون، ويتصدقون، ويغزون مع المؤمنين؛ ولكنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فهم يقولونها بألسنتهم؛ ولكن لا يُصَدِّقون بمعناها، ولا يعملون بمقتضاها؛ بل يُقِرُّون الشرك، وينصرون المشركين، ويعتقدون أن المشركين على حق، وأن الصحابة على باطل، الذين يقولون: لا إله إلا الله، والذين يُوَحِّدُون الله، حكى الله عنهم قولهم: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ فَكَذَّبَهُمُ الله، وفي آية أخرى قال تعالى: يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ يقولون كلاما بألسنتهم؛ ولكن قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ؛ فلأجل ذلك كانوا تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، ولم ينفعهم قولهم بلسانهم، قول: لا إله إلا الله. وما نفعتهم صلاتهم، وصدقاتهم.
فعلى هذا.. المراد: قول كلمة لا إله إلا الله؛ مع معرفتها بالقلب، ومحبتها، ومحبة أهلها، وبُغْض من خالفها، ومعاداته. هذا لا بد منه في قول: لا إله إلا الله، فمن قالها فلا بد أن يعرف معناها -يعرفه بقلبه-. وكذلك أيضا -كما فسرها المؤلف- يُحِبُّ هذه الكلمة، ويتقرب إلى الله بها، ويحب أهلها وهم الموحدون، يحبهم من كل قلبه، ويبغض من خالفها؛ ولو قالها بلسانه ولم يعمل بها، يُبْغَضُ الكفار الذين يقولونها بألسنتهم؛ ولكنهم لا يطبقونها؛ وهم المنافقون، أو المشركون الذين يجهلون معناها.
استدل المؤلف على ذلك بهذا الحديث: من قال لا إله إلا الله مخلصا وفي رواية: خالصا من قلبه وفي رواية: صادقا من قلبه أي: أن هذه من شروط لا إله إلا الله.
من شروطها: الإخلاص، والصدق.
فالذي يقولها وهو كاذب لا تنفعه، والذي يقولها وهو مشرك لا تنفعه؛ بل لا بد أنه يقولها من قلبه، ويطبق معناها ومدلولها؛ حتى يكون بذلك مُخْلِصًا، ومُوَحِّدًا، وصادقا في إيمانه.
فلا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده، وتقتضي تصديق القلب بما دلت عليه، وتقتضي صرف جميع أنواع العبادة لله -تعالى- وحده. من كان كذلك فإنه يعتبر قد صدق في قوله، وصدق في إيمانه؛ وإلا فعليه أن يُجَدِّدَ الإيمان.

line-bottom